آخر الأخبار
الجمعة, 28-سبتمبر-2012 - 17:08:27
 - توفيق أبو شومر مركز الاعلام التقدمي- توفيق أبو شومر -

حلمتُ في يقظتي، أن يتمكن المنتفضون العرب من تكريس انتفاضاتهم ضد الأنظمة العربية الديكتاتورية، وضد سياسة القهر والاضطهاد التي سادتُ العالم العربي منذ عقود بعيدة، من تكريسها لتحقيق الحد الأدنى من حلمهم، وذلك بأن يؤسسوا مشروعا نهضويا عربيا، ينافس العالم على المستقبل!

حلمتُ كذلك بألا نقع في الخطأ الذي حذَّرنا منه مفكرونا وقادةُ الرأي العرب منذ أكثر من قرن مضى، عندما قال المفكر الكبير عبد الرحمن الكواكبي المتوفى عام 1902: "إن ثورة الجماهير على الأنظمة، تكون في الغالب ثورات انتقامية ضد شخصيات الطغاة، أكثر منها ثورات للتغيير والتطوير"

فقد حاولت أن أستقصى منذ بدايات الحراك الشعبي العربي هذه الثورات فوجدت أنها لم تخرج بعد من هدف الانتقامية، إلى بناء منظومات حضارية عربية، فما يزالُ الإعلام العربي يركز على محاكمات الطغاة السابقين، وفق القوانين التي شرَّعها هؤلاء الطغاة، وفصلوها على مقاييسهم، ولم أعثر بعد على ثائرين على القوانين البائدة، يعيدون صياغتها من جديد، لا للتنقيح، بل للتغيير!

ولم أكن أتوقع أن يكون عددُ فقهاء القوانين وأنصارهم في بلد عربي واحد، أكبر من عدد كتائب المشاة وسلاح الطيران في الجيش!!

وأسهم كثيرٌ منهم– للأسف- في إنامة الجماهير وامتصاص النقمة الشعبية على أنظمة الحكم، بالسفسطة القانونية المحبطة لمجموع الجماهير العربية، وليس من قبيل المبالغة القول: إن متفيهقي القانون العرب قاموا بأبشع عمليات التصفية للحراك الشعبي العربي، رغبةً منهم في الإشهار، حين يتحولون إلى نجوم فضائية إعلامية، في زمن النكبات والمآسي والكوارث الاقتصادية والسياسية!

حلمتُ في يقظتي أيضا؛ أن تتحول الأحزاب العربية، من تكتلات قبلية وعشائرية، إلى أحزابٍ وطنية تتبنَّى تثقيف الجماهير وخدمتهم، وإشغال الفراغ الذي يتوالد عن فساد السلطة الحاكمة بكل أشكاله، من الفساد الإداري والمالي، إلى الفساد الأخلاقي والسياسي، وتمنيتُ أن تستفيد الأحزابُ العربية –حتى- من التجارب الحزبية العربية في القرن الماضي، عندما كانت كثيرٌ من أحزاب العرب مصانعَ لإنتاج الفكر بكل أشكاله، الفكر الثوري والوطني والديني، بحيث كان لكثيرٍ من الأحزاب العربية تأثيراتٌ في فكر الأحزاب العالمية، ولن أنسى كيف كان كثيرٌ من أحرار العالم يتطوعون في خنادق المناضلين الفلسطينيين،وكان الجاذب الرئيس لهم هو المصنع الفكري الثوري الفلسطيني، الذي كان يعمل ليل نهار اعتمادا على المفكرين والواعين، وليس فقط على السلاح والقنابل، التي كانت في الدرجة الثانية، وليست الأولى!

وحلمتُ أيضا أن تعترف كثير من الأحزاب العربية بهزيمتها الفكرية، واندحار تأثيراتها العقلية من عقول الشباب، وأن تتنبه إلى مظاهر هذه الهزيمة الفكرية، ومن مظاهرها:

جمود الفكر والتنوير العقلي، وتمسكها بأفكارها التقليدية، وأسمائها وشعاراتها وزعاماتها التقليدية، وأطرها السالفة، ومن المظاهر أيضا عجزها عن النهوض بوسائل وأدوات التنوير الفكري والعقلي السائدة، واقتصارها على نشاطٍ واحدٍ فقط؛ وهو تصفية حساباتها مع منافسيها من الأحزاب الأخرى، وتحويل كوادرها الشبابية، إلى ميليشيات عسكرية تفرض إرادتها بقوة السلاح! ويترتب على عدم قدرة الحزب على إنتاج رحيق الفكر المستقبلي النهضوي أن تنشغل تلك الأحزاب العربية بإعداد الطبق الشعبي الحزبي السائد، وهو أن تتغذى تلك الأحزاب على أخطاء الأحزاب الأخرى المنافسة لها!!

وعندما تتمكن تلك الأحزاب من إحصاء أخطاء الأحزاب الأخرى السلطوية، تشعر بالانتشاء، وقد تفوز في الانتخابات، لا لأنها هي الأفضل، بل لأن الجمهور المنتخب، عندما خُيِّر بين السيئ والأسوأ، اختار ( مكرها) السيئ!!

ومن مظاهر عجز كثير من أحزاب العرب عن إنتاج رحيق الفكر وبروتين النمو الطبيعي أن يقوم الحزب بإنهاك الجماهير، فيتحول من خادمٍ للشعب، إلى سيدٍ له، ويحول شعبه إلى رقيقٍ، ولا يُقيم أي اعتبارٍ لفكرهم أو طموحهم ومستقبلهم، بل يُقيِّمهم بما يُدخلونه في جيوب الحزب من نقودٍ وأموال، وهكذا يتحول السيد إلى خادم، والخادم إلى سيد مُطاع!!

ومن مظاهر عجز هذه الأحزاب العربية، أن تتولى إنهاك شعوبها، بافتعال الأزمات الدائمة، لكي تصرف اهتماماتهم عن (النقد الحزبي) إلى افتعال المعارك الداخلية بينهم، فيشتبك الفقراء مع السِّمَان الأغنياء، والتجار مع (الأفواه) الشعبية، ويشتبك قادة الرأي والفكر الأحرار مع رجال المخابرات وموظفي الحكومات الجاهلين الأغرار!

وتنجح كثير من تلك الأحزاب المصابة بالأنيميا الفكرية والضمور العقلي في إلهاء الشعب بقضايا فرعية، وتحويلها من فروعٍ إلى أساسات وركائز، وتسخر أبواقها الإعلامية لهذه الإنجازات الحزبية!

فقد أصبحت المطالب الرئيسة لجماهير غفيرة من بلاد العرب التي شهدت حركات شعبية، هي إلقاء القبض على( الفلول) ومحاكمة أبناء القطط السمينة، وأقاربهم من الفئران والقوارض، وأنصارهم من الخدم والحشم، بعد أن نسيت الجماهير أنها ثارتْ للتغيير الجذري، ولم تثُر للانتقام الأسري والعائلي!

حلمتُ أيضا في يقظتي أن تتحول [النخوة الشبقية العربية]!! التي ظهرت في بعض دول العرب، إلى معونات اقتصادية وفكرية، وهبات ثورية في وجه الطغاة، وأقصدُ بالنخوة الشبقية العربية التي ظهرت منذ أسابيع في كثير من وسائل الإعلام، رغبة كثيرٍ من (فحول) العرب أن يتزوجوا من (المنكوبات) السوريات والفلسطينيات اللاتي تحولن من حوريات وغانيات، إلى جَوارٍٍ وإماء وخادماتٍ مسبيات !!
وأخيرا........المجد والخلود لأمةٍ:
تسترُ نساءها، وتفضح أوطانها!!


أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)