آخر الأخبار
 - الاستخبارات الايرانية وفيلق القدس

السبت, 22-سبتمبر-2012 - 15:27:48
مركز الاعلام التقدمي- بقلم جاسم محمد -

منذ  نشوب  الثورة الإسلامية الايرانية  عام 1979 وايران تشن حرباً استخباراتية  ضد جاراتها من الدول العربية اولها العراق والامارات ، واعلانها الحرب على الغرب بتسمية اميركا بالشيطان الاكبر وقطع علاقاتها الدبلوماسية مع كل من اميركا وبريطانيا  تحفظا على امنها مع  الايام الاولى من الثورة .

من الطبيعي والبديهي ان تنظر ايران الى سفارات بعض الدول ومنها الغربية ان تكون واجهة استخبارية شرعية توفر الحماية الى شبكاتها الاستخبارية ، التي من شانها تستهدف أمن ايران وثورتها ، لذا جاء قرار ايران بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع اميركا وبعض الدول كخطوة استباقية لتامين امنها الداخلي والحفاظ على امنها القومي.

أعتمدت الثورة الايرانية على الحرس الثوري في البدأ اكثر من جهاز مخابراتها  في تامين امنها القومي قبل ولادة فيلق القدس . وتعود بدايات فكرة تشكيل قوة القدس الايرانية إلى العام الاول من الثورة الايرانية عندما قرر الخميني فرض ولايته الدينية المسلحة على العالم  . وكانت التسمية الاولى لجيش المهمات الصعبة  بجيش التحرير  حتى بعد  سنة من اندلاع الحرب العراقية الايرانية عام  1981  حيت تم تسميته قوة القدس كقوة تابعة لحرس الثورة الايرانية لتتوسع مهامه الى جغرافية المصالح الايرانية في المنطقة  بضمنها لبنان وافغانستان  وليتحول الى فيلق القدس  عام 1990 ليكون التنظيم شبه الاستخباري الاول المسؤول عن تنفيذ ستراتيجية ولاية الفقيه بالاضافة الى تقويض المعارضة الايرانية في الخارج . وبأمر المرشد الاعلى  علي خامنئي، تولى سليماني، مسئولية السياسة الخارجية الإيرانية في عدة دول منها : لبنان، العراق، الخليج، فلسطين، افغانستان .الاستخبارات الايرانية وفيلق قدس

قاسم سليماني: ولد عام (1957) عين عام 1997 قائدا لفيلق القدس خلفا لاحمد وحيدي. ورقي من (لواء) الى رتبة فريق في 24/1/2011 .

وتقع مسؤولية  تدريب المجموعات المسلحة على فيلق القدس داخل اراضيه  او خارجها في والعراق  ولبنان وسوريا . وتوجد لفيلق القدس ستة دوائر رئيسية ترتبط بقائد فيلق القدس وفقا لتقرير الدكتور الباحث عبد لستار الراوي  وهنالك سبع دوائر اخرى مرتبطة بمعاون قائد الفيلق وتتفرع منها ثلاث عشر مديرية تحت اشراف رئيس اركان الفيلق واضاف التقرير بوجود مايزيد على عشرين محطة ومقرا تعمل داخل العراق ولبنان وسوريا والخليج ودول اخرى . وتضم المحطة الرئيسية، شبكة من مقرات فرعية ففي العراق مثلا، هناك اربع مقرات وهي (ظفر، نصر، رعد، فجر) وجميعها قريبة من الحدود العراقية وتشرف على ادارة المجاميع المرتبطة بها.

وتعتبر قوة "الولاية " ، من أخطر المليشيات الايرانية التابعة للحرس الثوري والتي تعمل بأمرة فيلق القدس، أدخلت إلى العراق بغد 2003 ، تحمل عناصر القوة رتب عسكرية .

اما وكالة الشرق فتقول : فيلق القدس يُدرّب جيوشاً من المتطوعين في العراق  وطبقاً للمعلومات التي سرّبها عضو المجلس الوطني السوري عبد الإله بن ثامر الملحم ، فإن ميلشيات مُقرّبة من حركة حزب الله العراقي سربت معلوماتٍ مؤكدة ، عن تدريب  فيلق القدس لقرابة مائة ألف مقاتلٍ تمهيداً لإرسالهم للأراضي السورية للمشاركة في الحروب الدائرة هناك.

ذكرت صحيفة 'ديلي تليغراف' في عددها  الصدادر في الثامن من سبتمبر 2012  أن ايران تكثّف دعمها لنظام الرئيس بشار الأسد وأرسلت 150 ضابطاً من كبار قادة حرسها الثوري إلى سورية للمساعدة بصد محاولات المعارضة الرامية إلى الإطاحة به.

لقد اعطت المادة الثالثة والمادة  154 من الدستور الايراني ، فيلق القدس الحق والشرعية من وجهة نظر الثورة الايرانية لتنفيذ عملياته بهدف نشر وتصدير الثورة الايرانية . لتعطي  فيلق القدس الشرعية وليكون وبامتياز جهاز استخبارات حرس الثورة الايرانية والفقيه اكثر من غيره من الاجهزة الاستخباراتية التقليدية ، المسؤول  عن عمليات التجسس الخارجي واحيانا مكافحة التجسس بالداخل . ويتخذ من اسرائيل  ذريعة وفزاعة  للتدخل في دول المنطقة  عندما  صرح وزير الأستخبارات الأيراني  حيدر مصلحي  صراحةً : "يجب أن يعلم جيراننا, ودول المنطقة التي تربطها علاقات, بالنظام الصهيوني, أنّه سينظر الى أي مساعدة, تقدم لهذا النظام على أنّها تهديد لأيران, وأضاف... تعامل دول المنطقة مع هذا النظام الصهيوني, سيسهم في ايجاد قواعد للأعمال الأرهابية والتجسس ."

كذلك نشرت القدس اللندنية قائلة : لإيران يد طويلة في زرع الجواسيس في كل انحاء العالم وخاصة في دول الجوار، من الكويت واليمن الى أذربيجان وتركيا . وفي كل فترة تنتشر الاخبار التي تتحدث عن اعتقال الجواسيس الايرانيين . وفي الاونة الاخيرة اعلنت اجهزة الاستخبارات التركية ان ايران ارسلت الى تركيا نحو 100 جاسوس مدرب منذ اذار (مارس) 2012 وحتى الان . حيث نشرت ذلك صحيفة "زمان" التركية بعد ان اعلنت اخيرا عن اعتقال  تسع  جواسيس مشتبه بهم بتهمة التجسس لصالح ايران.

وتقول الصحيفة التركية ان الجواسيس دخلوا تركيا "بصفتهم صحافيين اوموظفين في السفارة الايرانية في تركيا". وهذا يعني ان هؤلاء يستطيعون ان ينشطوا في تركيا تحت ستار النشاط الديبلوماسي وبصورة غير رسمية.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "اغزامينر" ان هؤلاء الجواسيس الايرانيين اتصلوا باعضاء من حزب العمال الكردستاني، "ب ك ك"، وجمعوا منهم معلومات حول المنشآت العسكرية والنازحين السوريين في تركيا، وهم – اي الجواسيس -ينشطون اساسا في المحافظات الواقعة في شرق وجنوب شرق تركيا. الاستخبارات الايرانية وفيلق قدس

الخلاصـــــــــة:
ايران والثورات العربية
أن تطور ثورات الربيع العربي التي شهدتها المنطقة منذ عام 2010 ولحد الان كانت تسير لصالح ايران  باعتبارها قوة اقليمية . فسقوط النظام في ليبيا ومصر وتونس كان يصب في صالح ايران رغم اختلاف المذهب بعد ان كانت في حروب صامتة مع نظام القذافي وحسني مبارك وكذلك النظام في تونس بمحاربته التيارات الاسلامية. ماعدا تطورات الاوضاع في سوريا التي جائت مفاجئة الى ايران والمنطقة رغم كل التحديات والتحضيرات التي اعد لها النظام السوري في مواجهة تسونامي الربيع العربي والتي لم تنفع معها اي محاولات اصلاح ترقيعية من قبل النظام السوري والمؤسسة الحاكمة .

ايران التي وصفت اميركا بالشيطان الاكبر لم تتردد من وقوفها الى جانبه في غزو العراق والاطاحة بالنظام السابق ، طالما يصب في صالحها بعد ان تجرعت مرارة الهزيمة على يد الجيش العراقي خلال الحرب العراقية الايرانية 1980ـ 1988 . لذا كانت ايران وخاصة فيلق القدس واطلاعات الايرانية في اعلى درجات الاستعداد لدخول العراق في اعقاب انهيار النظام العراقي والدولة العراقية  2003.

المراقبون للتواجد الايراني في العراق اكدوا بانه كان متزامنا مع دخول القوات الاميركية. واكد شهود عيان  وجود يافطات مكتوب عليها تسميات ايرانية واطلاعات الايرانية  بالاضافة الى استحواذ حزب الدعوة على مقرات حزب البعث ومقرات الامن العامة في المناطق السكنية وخاصة الشعبية المغلقة  ورفع اسماء تنظيماته عليها كخطوة استباقية ، للاستيلاء على ماموجود من معلومات وملفات سرية تمكنهم من تتبع ضباط ومراتب الامن والاجهزة الامنية وقيادات حزب البعث بهدف التصفية، والتي تم تفسيرها  بانها خطوة انتقامية مبيتة تقوم على اسقاط الدولة العراقية ورسالة لتحجيم التجربة الاميركية في العراق .

أن تداعيات المناخ السياسي الساخن في المنطقة كان يتجه الى صالح ايران، ماعدا التطورات في سوريا. وكانت المعارضة السورية قد  اتهمت طهران، وبالتحديد فيلق القدس للحرس الثوري الإيراني ، بدعم القوات الحكومية في سوريا للتصدي لقوات المعارضة .

وقد تم اعتقال مواطنين ايرانيين  في عمليات خاصة فيما كانوا يتبادلون المعلومات حول الجيش السوري الحر على الاراضي  التركية خلال عام 2012 ،  اذ اتضح في هذا المجال ان هذه المجموعة كانت تاخذ الصور والافلام من المنشآت العسكرية ومراكز الشرطة بطرق لم يكشف عنها ، وكانوا يسلمونها الى اجهزة الاستخبارات الايرانية.

حروب استخبارية ساخنة تسقط رؤوس الاستخبارات
تشهد المنطقة حرب استخبارية ساخنة خاصة الاشهر الثلاث الاخيرة ، لتطفو حروب الاستخبارات وعمليات اغتيالات و "وفاة  " عدد من عرابي الاستخبارات في المنطقة ابرزها رئيس الاستخبارات المصري السابق الذي توفي جراء عملية جراحية في اميركا ، خلال شهر حزيران الماضي 2012 حيث ذكرت وكالة رويتر في تقريرها  : " قال مستشفى كليفلاند الأمريكي ان مدير المخابرات العامة المصرية السابق عمر سليمان يجري فحوصا فيه انه  قد توفي بمرض نادر أثر على القلب والكلى ." هذه الوفاة فسرها المراقبون بعملية اخفاء الصندوق الاسود للعلاقات الاستخبارية مابين نظام حسني مبارك والاستخبارات المركزية وكان عمر سليمان قد  بلع الطعم الاميركي بسفره الى اميركا . ووفاة  الامير السعودي الامير نايف  في حزيران 2012 ، الذي كان  يشغل منصب وزير الداخلية منذ عام 1975، وعين وليا للعهد في السابع والعشرين من اكتوبر / تشرين الاول 2011 بعد وفاة شقيقه ولي العهد السابق الامير سلطان بن عبدالعزيز. وفي خطوة اخرى أقال  ملك السعودية مدير جهاز المخابرات الأمير مقرن بن عبد العزيز وعين مكانه الأمير بندر بن سلطان خلال شهر تموز الماضي  2012 ، سفير السعودية السابق لدى الولايات المتحدة  خلال شهر تموز الماضي 2011، هذه الخطوة فسرها المراقبون المعنيون بانها خطوة التقارب الاميركي السعودي استخباريا في المنطقة بعد  فتور تلك العلاقة .

 وفي 18 تموز 2012 أعلن التليفزيون السوري  مقتل آصف شوكت صهر الرئيس السوري بشار الأسد في  تفجير مبنى الأمن القومي الذي قتل فيه أيضا وزير الدفاع داوود عبدالله راجحة.

وأفادت الأنباء بأن الهجوم نتج عن تفجير انتحاري حزامه الناسف في القاعة التي كان يجتمع فيها عدد من الوزراء والقيادات الأمنية ، والتي سبقها انشقاق مناف طلاس رئيس الاستخبارات السورية والمسؤول عن حماية بشار الاسد في شهر حزيران 2012 وغيرها من التطورات لتكون الاستخبارات واسرارها هي المسيطرة على احداث الساحة .

ولم تكن تركيا بعيدة عن تطورات شهر حزيران الماضي الساخن 2012  عندما اعلنت إغتيال رئيس الإستخبارات التركية هاكان فيدان في منزله بظروف غامضه من قبل مجهولين في اسطنبول . و يعتبر هاكان فيدان القيادي المقرب كثيرا من طيب رجب اردوغان والذي طالما دافع عنه واعتبره أمين سره

وياتي هذا بعد اغتيال شخصيتين امنيتين من  اسرائيل  فيما يعتبره البعض ردا على تفجير مبنى الامن القومي السوري واغتيال  قيادات عسكرية . ليثبت شهر حزيران سخونته بمقتل قيادات استخبارية في المنطقة وكانها تداعيات سقوط الدومينو التي بدات في سوريا .

وبتاريخ  22 تموز الماضي 2012   تحدثت الأنباء عن مقتل ابن عويز شامير قائد جهاز المعلومات الخارجية في "الشاباك" في النمسا بظروف غامضة ولم تفصح الأنباء عن أي تفاصيل أخرى، و لم تقل عن شامير أنه توفي وفاة طبيعية كما قالت مصر عن عمر سليمان، بل قالت أنه قتل ولكنها لم تقوم بتزويد العالم بالتفاصيل، وطبعاً هذه التداعيات الاستخبارية في المنطقة التي اسقطت عدد من كبار رؤوس الاستخبارات في المنطقة خلال اسابيع معدودة ، مازالت لم تلقي جوابا لحد الان ؟!

عقد الاستخبارات
التطورات جائت  تتماشى مع الرأي الذي يقول بان هذا العقد هو عقد الاستخبارات والحروب السرية الناعمة غير المعلنة وهو زمن التزاوج الاستخباري اكثر من العمليات العسكرية الواسعة .

وهذا ما اكده باراك اوباما من الايام الاولى من دخوله البيت الابيض عندما اعاد ترتيب اوراق وكالة المخابرات المركزية السي اي اية ، واصلح العلاقة مابين العسكر/ البنتاغون والاستخبارات ليبدا عصر جديد لل سي اي اية بعد ان فقدت مصداقيتها في زمن جورج بوش . وكذلك عكسته السياسة الاميركية في مكافحة الارهاب في اليمن وفي مشروع انسحابها من افغانستان عام 2014 .

اميركا غزت العراق في قوات المارينز وقوات التحالف اما ايران فقد عرفت من اين يأكل العراق، فدخلته استخباريا مستغلة الورقة الطائفية وما موجود عندها من معارضة عراقية سابقة ماقبل 2003 ،فامسكت العصا من وسطها في مواجهة التهديدات الاميركية ضدها من خلال العراق وفي نفس الوقت جعلت من العراق منصة استخبارية للتدخل في الخليج العربي .

التداخل الديموغرافي العراقي الايراني استغلته ايران لصالحها ولعبت في ورقة العراقيين المسفرين استخباريا ، فاعادات الاف العراقيين المسفرين وهنا لا نستبعد احتمالات ايران استغلال ظروف العراقيين المسفريين استخباريا في العراق مستغلة صعوبة حياتهم واقامتهم على اراضيها  ، ناهيك عن احتمالات قيام ايران بتزويد الايرانيين بوثائق مزورة  تحت غطاء المسفريين .

لذا نجحت ايران بابتلاع العراق وفشلت اميركا في استمرار سيطرتها على العراق وخدمة مصالحها لتثبت نظرية الاستخبار اكثر من سيطرة العسكر. وكذلك تؤكد بان التحالفات الاقليمية للدول افضل كثيرا من التحالفات الدولية في مواجهة الصراعات ولنا في سياسة الاستخبارات الباكستانية خلال السنتين الاخيرتين من سياستها مع الهند وافغانستان ومحاولة الابتعاد عن التحالفات الاميركية والدولية خير مثال .

لقد اعتمدت ايران على عدة عوامل لتثبيت وجودها الاستخباري الخفي مستفيدة من امتداد الحدود الايرانية مع العراق ومن بين تلك الدعائم هي  المؤسسات" الثقافية والخيرية والإغاثية والتجارية". و اعتماد وسائل الاعلام بانواعها لتثقيف المجتمعات المغلقة وفق الثقافة الثقافية

هكذا وضعت ايران بثقلها في العراق استخباريا لتمسك بقادة بعض الكتل السياسية مباشرة وتمسك بالقرار السياسي العراقي من وسطه ولتكون الاعب الرئيسي في تشكيل الحكومات العراقية بل تصل سيطرتها الى تسمية المرشحين للوزارات العراقية ، ولم تكن تشكيل الحكومة العراقية الاخيرة  الا بتوقيع من قاسم سليماني والتوافق الاميركي الايراني .
* كاتب في قضايا الارهاب والاستخبار
 Jassimasad2@hotmail.com

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)