آخر الأخبار
الاثنين, 17-سبتمبر-2012 - 17:26:53
 - ميشيل نجيب مركز الاعلام التقدمي- ميشيل نجيب -

أتفقت غالبية الآراء والتعليقات على أن تصعيد الغضب إلى تلك الدرجة التى تحدث يومياً بسبب الفيلم المسيئ إلى رسول الإسلام لا يخدم الإسلام بل يسئ إليه كما جاء على ألسنة الكثير من الخطباء والمعلقين والمقالات خاصة فى مصر، التى تشجب تلك الأعمال الغير مسئولة ولا تعبر عن الإسلام مثل ما قال الرئيس المصرى والكثير من الشيوخ والنشطاء والمسئولين السياسيين، لأنهم يعرفون بخبرتهم وحنكتهم أن تلك السلوكيات التظاهرية المظهرية تتجاهل كل ما يحفظونه عن ظهر قلب من قيم ووصايا وتعاليم الإسلام التى يرددونها دائماً، وسلوكياتهم هذه وقت الإساءات هى مجرد إنفعالات لن تنصر الرسول ولا الدين لأنها أفعال تتناقض مع ما يدعون إليه من قيم وتعاليم إسلامية.

إن ما يحدث إسلامياً على المستوى العالمى هو خروج على القانون وليس غضباً طبيعياً إنسانياً، فإضرام النيران وتخريب والإعتداء على السفارات وإراقة الدماء وقتل البشر ليس إلا تعبير مرضى عن مشاعر وعواطف شحنتها الكراهية والبغض، فأخرجتها عن أطوارها الإنسانية، أقول الصدق أننى أشعر بالشفقة والألم على هؤلاء المتظاهرين الغاضبين الذين يسيئون لوصايا دينهم ورسولهم، والمئات الذين يصابون وتسال دماءهم أثناء تظاهرهم وإظهار غيرتهم وغضبهم لكن يغيب عنهم أن تلك الأعمال لا تليق بشعوب تعيش فى القرن الواحد والعشرين، شعوب تعتز دائماً وتفخر بأنها صاحبة حضارة إسلامية، فهل سألوا أنفسهم: هل تلك الأعمال والتظاهرات الغاضبة المدمرة المشحونة بالكراهية تليق بوصايا الإسلام وإلهه ورسوله وحضارتهم الإسلامية؟

هل تعبر تلك السلوكيات المريضة عن التربية والأخلاق الإسلامية؟ هذا السؤال يجب أن يسأله كل مسلم مخلص ومؤمن بعقيدته ويريد الدفاع عن رسوله حتى لا يقع فى إرتكاب جريمة لن تغفرها له عقيدته ولا إلهه الذى كان صريحاً فى تعاليمه كما يقول المدافعون عن الإسلام الآن، بعد أن أكتشفوا أن الدين يحرم تلك الأعمال المنافية للشرع والأخلاق وعليهم الرجوع إلى الإعتدال والبعد عن التطرف والإستهزاء بالذات فى أعمال غوغائية لا يقرها شرع إنسانى أو إلهى، فالمؤمن بدينه والمحب لرسوله لا يمكن أن يقر ويعترف ويصرح علانية أن إلهه ورسوله يريد إراقة الدماء والأعتداء على الآخرين بهذه الطريقة الهمجية التى لا تعبر عن الحب.

على كل مسلم أن يعرف أنه فى أوقات المحن والمواقف الصعبة تظهر حقيقة شخصيته وما يخرج منها من إساءات أو سلوكيات حسنة، إنما هى تعبير عن شخصيته الحقيقية التى يراها الناس ويحكمون عليها خيراً أو شراً، إما الشخصية الطفولية وإما الشخصية الراشدة الواعية لما تؤمن به من مبادئ والعصر الذى تعيش فيه وسط بشرية لا تنتمى إلى عصور الجاهلية والبداوة وإنما بشرية أرتفعت مداركها ومعارفها وحرية وديموقراطية يطالب بها الجميع للقضاء على الدكتاتورية التى ما زالت تحكم الكثير من المجتمعات العربية.

لذلك نعرف جميعاً أن هناك أساليب ديموقراطية راقية للدفاع عن تلك الإساءات ينبغى اللجوء إليها عن طريق الهيئات والمؤسسات الدينية التى تمثل كافة الأديان، ومن حق المؤمن الذى وجد إساءة إلى رسوله أن يتخذ الطريق السلمى الحضارى، ويتخلى عن أساليب العنف المتوارثة من عصور التخلف والأستعمار، وأن يعى جيداً أن طريق النهضة الإنسانية يبدأ فى الدفاع عن حقه فى أستخدام الحرية للرد على من يسيئون إليه بالحكمة وبالطرق العصرية التى أتاحتها لنا منجزات التقدم التكنولوجية، ولا ينبغى لقادة المجتمعات أن يسمحوا أن تكون تلك الإساءات مصدراً للهوس الدينى الى يتكرر بين الحين والآخر يتم صنعه وأستغلاله سياسياً على حساب الشعوب العاطفية.

علينا أن لا نتجاهل الحقيقة الواقعية التى كشفتها سلوكياتنا المحبطة، أننا نتراجع زمنياً بأفكارنا وأعمالنا الغير إنسانية وعلينا أن ندرك سريعاً خطأ تفكيرنا والطريق المؤدى إليها، وهو طريق قامت الأمم بإعادة بناءه من جديد ليتوافق مع زماننا الحاضر، ومضت الأمم الجادة فى تحديث فكرها وثقافتها وطورت من وعيها بالواقع المحيط بها، حتى يتسنى لها صنع التغيير المطلوب فى بنية المجتمع، لذلك أتمنى أن تكون هذه الفوضى التى صاحبت الدعاية لفيلم وهمى لم يشاهده أحد حتى الآن إلا خمسة عشر دقيقة على الأنترنت، لها نهاية سارة لشعوب المنطقة بأن يأخذوا منها العبرة ويصححوا أخطاءهم، وأن يتيقنوا أن أسلوب العنف سيخلق عنفاً أكثر وتصعيداً لا مبرر له إلا إراقة الدماء.

هل سيتعلم رجال الدين والسياسة والفكر ويصنعوا منهجاً جديداً يقود المجتمعات والأفراد إلى طريق المحبة والسلام بدلاً من العنف والتطرف والهوس الدينى؟


أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)