آخر الأخبار
 - ساطع نور الدين

السبت, 26-مايو-2012 - 12:17:11
مركز الإعلام التقدمي- ساطع نور الدين -

من دون قيد أو شرط، خرجت إسرائيل من لبنان قبل ١٢ عاما. كانت العبارة يومها ترد على هامش الخطاب، ولم تدخل في مقدماته، مع أنها كانت وستبقى واحداً من أهم عناصر ذلك الإنجاز التاريخي.
والقياس هنا لا يعتمد فقط على القيود والشروط التي فُرضت على الدولتين العربيتين اللتين تمكنتا من استرداد أرضهما، ولا على القيود والشروط التي وُضعت على الشعب الفلسطيني من أجل ان يستعيد بعضا من أرضه، بل أيضاً على المشروع الاسرائيلي الذي كان مطروحا على لبنان منذ سبعينيات القرن الماضي، وحتى ذلك اليوم الفاصل في تاريخ لبنان.
كان ذلك اليوم منعطفاً حاسماً. يومها أعلن الإسرائيليون خروج آخر جندي إسرائيلي من لبنان وزوال آخر العوارض اللبنانية من رأس الدولة الاسرائيلية التي توهّمت أن بإمكانها أن تسيطر على لبنان وتوقع معه معاهدة ترقى الى مستوى الحلف الاستراتيجي الذي يخترق العالمين العربي والإسلامي، ويقيم قاعدة دائمة عسكرية وسياسية وحتى ثقافية لمختلف الأقليات المقيمة في هذين العالمين.
في ذلك اليوم أعلنت اسرائيل بصريح العبارة وعلى لسان كبار مسؤوليها واستراتيجييها أنها باتت تدرك حدود قوتها العسكرية، وقيود سيطرتها على شعب آخر، وانتقل نقاشها الداخلي من التوسع خارج حدود العام ١٩٦٧ الى فكرة الدفاع عن تلك الحدود.. وتغيرت النظرة الى القضية الفلسطينية والى الشعب الفلسطيني، حتى بلغت الاعتراف بمفهوم الدولتين والحل القائم على تبادل الاراضي والسكان داخل الكيان.
في ذلك اليوم حصل ما يشبه الانقلاب الجذري في الوعي الاسرائيلي، والانهيار الفعلي للخرافة الاسرائيلية.. التي جاء الرد العفوي الطبيعي عليها باللجوء الى الدين والسلفية التي صارت بعد ١٢ عاما على الخروج من لبنان، ظاهرة حاسمة في بلورة السياسات الاسرائيلية، وفي إعادة الإسرائيليين عقودا الى الوراء، على المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية، لكن المستوى العسكري ظل حتى الآن الحصن الأخير للدولة وتفوقها.
لكن المؤسف أن هذا الانقلاب العميق في الوعي الاسرائيلي لم يقابله تطور في الوعي اللبناني أو العربي، حيث لا يمكن أحداً ان يزعم ان السنوات الـ١٢ الماضية، التي رسخت قداسة الحدود الجنوبية وتعفي الوطن «من أي قيد أو شرط»، شهدت ما يمكن أن يبني على ذلك الإنجاز التاريخي نظاماً أو دولة أو مؤسسات توازيه وتحميه.
كان الإنجاز أكبر من طاقة لبنان على الاستيعاب، ولا يزال. والدليل أنه لم يزد في مناعة البلد الداخلية وفي حصانته الخارجية. حصل العكس تماما في السنوات الـ١٢ الماضية حيث تضاءلت بهجة عيد التحرير وتقلصت الى بقعة الجنوب التي كانت آخر من عانى من الاحتلال وآخر من تعرض لأذاه في العام ٢٠٠٦، وهي اليوم تتمتع باستقرار عام يثير حسد بقية المناطق اللبنانية التي لن تحتفل بالعيد ولن تذكره حتى.
لن يضيع الإنجاز ولن يهدر، لكن فرص استثماره على المستوى الوطني تتراجع يوماً بعد يوم، ومع مرور الزمن لن يبقى سوى صفحة مشرقة من التاريخ اللبناني والعربي.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)