آخر الأخبار
 - الاخطاء الطبية في اليمن

السبت, 26-مايو-2012 - 11:52:48
مركز الاعلام التقدمي: تحقيق: زهور عبد الله- أسماء حيدر -

سارع والد الطفل فهد المنتصر ذو الاربعة أعوام فقط الى احد المشافي الخاصة القريبة من منزله في مدينة تعز قبل اسابيع طلبا لشفاء طفله من كسر في ساقه أصيب به بعد انزلاقة أتناء مرحه مع شقيقه الذي يكبره بعامين


لم يكن يدري هذا الأب المفجوع بان من قصدهم لنجاة فلذة كبده سيكونون اقرب من عزرائيل إلى روح الغلام.


.. أدخل فهد على جناح السرعة إلى غرفة العناية المركزة بمستشفى البريهي وهو حي يرزق بعد أن ارتأى فريق طبي تخصصي سرعة إخضاع المريض الصغير لعملية جراحية عاجلة ولكنها كانت القاضية فسرعان ما لفظ فهد أنفاسه الأخيرة متأثرا بجرعة زائدة من التخذير على يد من يسمون خبراء التخدير


لم يكن أمام الوالد المكلوم إلا أن يتسلم جثة طفله الهامدة والتوجه إلى اقرب مقبرة لمواراته الثرى بعد عمر قصير جدا..


الأطباء"القتلة" بالطبع لم ينفذوا جريمتهم النكراء عن سابق إصرار أو تعمد ولكن القضية لا تعدو أن تكون خطأ طبي غير مقصود لتضاف الى قائمة طويلة من هذه الأخطاء الفاذحة التي طالما أودت بحياة الأبرياء وعرضت من ينجو منهم لمخاطر صحية جسيمة وخسائر مادية باهضة ومنهم من يجد نفسه مصابا بعاهة مستدامة ميؤس من شفائها والسبب خطأ طبي سرعان ما يمر مرور الكرام ودون حساب أو عقاب .. لعدم وجود قوانين صريحة في هذا الجانب كما يقول حقوقيون ومسئولون بوزارة الصحة العامة


مسلسل متواصل
قضية الأخطاء الطبية وما ينجم عنها من آثار كارثية على المجتمع وأبنائه أصبحت مع مرور الوقت ظاهرة تستشري في واقعنا كالنار في الهشيم ولا يجد الصحفي والباحث في هذا الشأن أية صعوبات في إيجاد نماذج لضحاياها فهم كثر وموجودون في كل مدينة ومنطقة في مختلف أرجاء الوطن المترامي الأطراف وهذا الصياد عقيل قاسم محمد وهو من أبناء منطقة القطابا بمديرية الخوخة جاء بابنته "آمنة" ذات الثلاثة عشر ربيعا الى صنعاء طلبا لعلاجها من مرض في الكلا ومشاكل في الجهاز التنفسي وبعد ان نصحه العارفون بالسفر الى العاصمة حيث توجد كبريات المشافي وكبار الاختصاصين


.. ويروي هذا الصياد حكايته مع الأخطاء الطبية وإذا بها مأساة إنسانية حقيقية تقشعر لهولها الأبدان يقول"ذات مساء وبعد أن قضيت أسابيع في مراجعة الأطباء في احد اكبر المستشفيات الحكومية في العاصمة شعرت ابنتي التي كانت تقيم برفقتي في منزل احد الأقارب بضيق في التنفس وسارعت بها إلى المستشفى وقد دخلت برفقتي ماشية على قدميها وهناك قرر الأطباء سرعة شراء جهاز لمساعدتها على التنفس موضحين بأنه سيتم إجراء فتحة في عنقها لإدخال انبوب يساعدها في التنفس مؤكدين بان العملية بسيطة ولا تحتاج حتى لعملية تخدير وبالتالي لا تستدعي القلق اطلاقا على حياتها


ويضيف.. أخذها اثنان من الأطباء وادخلاها إلى غرفة الطبيب الاعتيادية وليست المتخصصة للعمليات ووقفت منتظرا غير بعيد من تلك الغرفة وما هي إلا لحظات قليلة وأصابتني حالة من الذهول والقلق بعد أن رأيت ارتباكا واضحا على الأطباء الذين خرجوا مسرعين ليأتوا بانبوب الاوكسجين وتداعى عدد آخر من الأطباء الإضافيين إلى الغرفة إياها .. ليخرج احدهم بعد دقائق ليزف نبأ وفاة الفتاة وتقديم واجب العزاء.


ويستطرد الصياد قاسم سرد قصته والدموع ترقرق بين عينيه.. أدركت أن ابنتي قتلت بأدوات أولئك الأطباء ولم يكن لي من خيار سوى التوجه بالحمد والشكر للخالق العظيم على ما أعطى وعلى ما منع .. ولإدراكي العميق بان لا فائدة في محاولة الكشف عن حقيقة ما جرى ومسائلة المتسببين فقد سلمت امري لله وجئت بسيارة أجرة لتقل جثمان ابنتي إلى واريثها الثرى في مسقط رأسها بمنطقة القطابا ..


ويتواصل مسلسل ضحايا الأخطاء الطبية ولكن منها ما لا يؤدي إلى الموت المباشر كما حصل للطفلين فهد وآمنة وخاصة عندما يتعلق الأمر بالخطأ في التشخيص وعلى الرغم من فداحة نتائجه الا ان الكثيرين من ضحاياه يكونون محظوظون وتكتب لهم النجاة بطريقة أو بأخرى كما حدث على الجائفي وابنته المريضة ذات ال12 ربيعا والتي تعاني آلاما في الأمعاء مع فقدان الشهية وقد أظهرت تشخيصات المختصين المحللين وفقا لنتائج التحاليل المخبرية والكشافات الدقيقة كما زعموا إصابتها بتورمات سرطانية في الداخل ونصح الأطباء بسرعة خضوعها لجلسات كيماوية في مركز الأورام السرطانية بصنعاء وبالفعل تم تحديد تلك المواعيد التي برمجت على فترات زمنية متباعدة غير أن الأب عدل عن راية قبل ذلك لعدم اقتناعه الكامل بهذه النتائج ليتوجه بعد أيام إلى القاهرة وهناك صعق للنتائج المغايرة إذ أظهرت التحاليل التي أجريت في احد المراكز المتخصصة بان الطفلة تعاني من جرثومة ولا يتطلب علاجها سوى" شريط حبوب" ببضعة جنيهات


ويضيف الجائفي لم تمر سوى ايام قلائل على استخدام هذه الحبوب إلا وقد شفيت صغيرته وعادت إلى حياتها الطبيعية .. متسائلا عن حجم المأساة التي كانت تنتظر هذه الفتاة إذا مضينا في إجراء الجلسات الكيماوية .. التي لا شك يقع في شراكها الكثيرون ممن لا يقدرون بسبب ظروفهم المادية الصعبة التقصي والبحث الدؤوب عن البدائل.


القانون: أخطاء أم مضاعفات 
الجانب القانوني فيما يتعلق بظاهرة الأخطاء الطبية يقف حائرا وعاجزا فهذه القضايا التي ترد إلى الجهات القضائية قليلة جدا بالنظر إلى حجم انتشارها ويقول حقوقيون بأنه ليس هناك قانون مختص بهذه القضايا وبالتالي فان هذه المواد القانونية المتوفرة في بعض التشريعات الجنائية العامة ما زالت قاصرة ويعتريها الكثير من اللبس والغموض


وتقول المحامية فيروز الجرادي بان القضاة المكلفين بالنظر في قضايا الأخطاء الطبية يجدون صعوبة بالغة في البت في هذا النوع من القضايا وذلك لجهل القاضي بحقيقة تلك القضايا من الجانب العلمي ويعتريه الشك حول ما إذا كانت القضية المنظورة والنتائج المترتبة بسبب خطا طبي ضد الضحية أو كانت نتيجة لمضاعفات صحية ..


وتضيف الجرادي بان الخطوة التي تمت مؤخرا بإنشاء مجلس طبي متخصص في النظر الى هذه القضايا تعتبر ايجابية جدا وستسهم في البت بقضايا الأخطاء الطبية بصورة تحقق معها العدالة وتكون رادعا للأطباء المتهاونين والمتساهلين في تعاطيهم وتعاملاتهم مع أرواح الناس.


 

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)